فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (7):

{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)}
(7)- وَإِنْ تَكْفُرُوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانٍ يُوجِبُ عَلَيْكُمُ الإِيْمَانَ والشُّكْرِ فَإِنَّ كُفْرَكُمْ لَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً، فَهُوَ الغَنِيَّ عَنْ سَائِر خَلْقِهِ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى لا يُحِبُّ الكُفْرَ لِعِبَادِهِ، وَلا يَأْمُرُهُمْ بِهِ، وَإِنَّمَا يُحِبُّ لِعِبَادِهِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ، وَيَشْكُرُوهُ عَلَى نَعَمِهِ وَأَفْضَالِهِ عَلَيْهِمْ. وَكُلَّ نَفْسٍ تُحَاسَبُ عَمَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَلا تُسْأَلُ نَفْسٌ عَمَّا فَعَلْتَهُ نَفْسٌ أُخْرَى؛ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَرْجِعُ الخَلْقُ إِلَى اللهِ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَا عَمِلُوا، وَبِمَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَمَا أَعْلَنُوهُ، وَيُحَاسِبُهُمْ عَلَيْهِ لأَنَّهُ لا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.
لا تَزِرُ وَازِرَةٌ- لا تَحْمِلُ نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً أَوْ إِثْماً.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8)}
{الإنسان} {يدعوا} {أَصْحَابِ}
(8)- وَالإِنْسَانُ الكَافِرُ لا يَتَذَكَّرُ رَبَّهُ إِلا عِنْدَ الحَاجَةِ، فَإِذَا أَصَابِهُ البَلاءُ فِي جَسَدِهِ، أَوْ أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ فِي مَعِيشَتِهِ، أَوْ نَزَلَ بِهِ خَوْفٌ عَلَى حَيَاتِهِ اسْتَغَاثَ بِرَبِّهِ، وَلَجَأَ إِلَيْهِ، وَدَعَاهُ مُخْلِصاً مُنِيباً لِيَكْشِفَ عَنْهُ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ بَلاءٍ وَشِدَّةٍ، فَإِذَا صَرَفَ اللهُ عَنْهُ مَا نَزَلَ بِهِ، وَأَغْدَقَ عَلَيْهِ نِعَمَهُ، نَسِيَ اللهَ، وَتَرَكَ التَّضَرُّعَ إِلَيهِ، وَجَعَلَ للهِ شُرَكَاءَ، وَأَضَلَّ النَّاسَ، وَمَنَعَهُمْ مِنَ الإِيْمَانِ بِاللهِ.
وَيَتَوَعَّدُ اللهُ هَذَا الكَافِرَ وَأَمْثَالَهُ، فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ الكَرِيمِ قُلْ لَهُ: تَمَتَّعْ بِمِا أَنْتَ فِيهِ مِنْ زُخْرُفٍ وَنَعِيمٍ زَائِلٍ، وَلَذَّةٍ عَابِرَةٍ، فَمَا هِيَ إِلا مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ فَيَنْتَهِي أَجَلُكَ، ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى النَّارِ، فَتَكُونُ مِنْ أَصْحَابِهَا، وَتَخْلُدُ فِيهَا أَبداً.
مُنِيباً إِلَيهِ- رَاجِعاً إِلَيهِ وَمُسْتَغِيثاً بِهِ.
خَوَّلَهُ نِعْمَةً- أَعْطَاهُ نِعْمَةً عَظِيمَةً تَفَضُّلاً وَإِحْسَاناً.
أَنْدَاداً- أَمْثَالاً يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ.

.تفسير الآية رقم (9):

{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)}
{أَمَّنْ} {قَانِتٌ} {آنَآءَ} {الليل} {قَآئِماً} {يَرْجُواْ} {أُوْلُواْ} {الألباب}
(9)- وَهَلْ يَسْتَوِي حَالُ هَذَا المُشْرِكِ الذِي يَكْفُرُ بِنعَمِ اللهِ، وَيُشْرِكُ بِهِ الأَصْنَامَ وَالأَنْدَادَ، وَلا يَذْكُرُ الله إِلا عِنْدَ الشَّدَّةِ والبَلاءِ، مَعَ حَالِ مَنْ هُوَ مُؤْمِنٌ قَائِمٌ بِأَدَاءِ الطَّاعَاتِ، وَدَائِبٌ عَلَى العِبَادَاتِ آنَاءَ اللَّيْلِ حِينَمَا يَكُونُ النَّاسُ نِياماً، لا يَرْجُو مِنْ أَدَائِهَا غَيْرَ رِضْوَانِ اللهِ وَثَوَابِهِ وَرَحْمَتِهِ، إِنَّهُمَا بِلا شَكٍّ لا يَسْتَوِيَانِ.
ثُمَّ أَكَّدَ اللهُ تَعَالَى عَدَمَ التَّسَاوِي بَيْنَ المُؤْمِنِ المُطِيعِ والكَافِرِ الجَاحِدِ، فَقَالَ لرَسُولِهِ الكَرِيمِ قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤَلاءِ: هَلْ يَسْتَوِي الذِينَ يَعْلَمُونَ مَا لَهُمْ فِي طَاعَةِ رَبِّهِمْ مِنْ ثَوَابٍ، وَمَا لَهُمْ فِي مَعْصِيَتِهِ مِنْ عِقَابٍ، وَالذِينَ لا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ وَإِنَّمَا يَعْتَبِرُ بِحُجَجِ اللهِ، وَيَتَّعِظُ بِهَا، وَيَتَدَبَّرُهَا أَهَلُ العُقُولِ والأَفْهَامِ، لا أَهْلَ الجَهْلِ والغَفْلَةِ.
هُوَ قَانِتٌ- مُطِيعٌ خَاضِعٌ لِلرَّب.
آناءَ اللَّيْلِ- سَاعَاتِهِ.

.تفسير الآية رقم (10):

{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)}
{ياعباد} {آمَنُواْ} {وَاسِعَةٌ} {الصابرون}
(10)- يَأَمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ الكَرِيمَ بِأَنْ يَعِظَ المُؤْمِنينَ، وَبِأَنْ يَأْمُرَهُمْ بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى، وَالثَبَاتِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَبِأَنْ يَذْكُرَ لَهُمْ أَنَّهُ مَنْ أَحْسَنَ مِنْهُمُ العَمَلَ فَلَهُ الجَزَاءُ الحَسَنُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، وَأَنْ يَقُولَ لِلْمُؤْمِنِينَ مُرَغِّباً إِيَّاهُمْ فِي الهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ: إِنَّ أَرْضَ اللهِ وَاسِعَةٌ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِيعُوا القِيَامَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ فِي البَلَدِ الذِي هُمْ فِيهِ، فَعَلَيهِم الهِجْرَةُ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ تَتَوَفَّرُ فِيهِ حُرِّيَةُ العِبَادَةِ، وَإِن الله يُوفِّي الصَّابِرِينَ عَلَى الابْتِلاءِ، ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ، وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ مَا شَاءَ بِغَيِرِ حِسَابٍ.
التَّقْوَى- اتِّخَاذُ شَيءٍ يُتَّقَى بِهِ المَكْرُوهُ.
بِغَيْرِ حِسَابٍ- بِلا نِهَايَةٍ لِمَا يُعْطِي أَوْ بِتَوْسِعَةٍ.

.تفسير الآية رقم (11):

{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)}
(11)- وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي قَوْمِكَ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِأَنْ أَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ أُخْلِصَ لَهُ العِبَادَةَ.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)}
(12)- وَأَمَرَنِي رَبِي بِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَانْقَادَ، وَأَخْلَصَ العِبَادَةَ وَالتَّوحِيدَ للهِ.

.تفسير الآية رقم (13):

{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13)}
(13)- وَقُلْ لَهُمْ: إِنِّي أَخَافُ- وَأَنَا رَسُولُ اللهِ- عَذَابَ يَوْمِ القِيَامَةِ الكَثِيرِ الأَهْوَالِ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي، وَتَرَكْتُ الإِخْلاصَ لَهُ وَإِفْرَادَهُ بِالرّبُوِبيَّةِ.

.تفسير الآية رقم (14):

{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14)}
(14)- وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّنِي أَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأُخْلِصُ لَهُ عِبَادَتِي.

.تفسير الآية رقم (15):

{فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15)}
{الخاسرين} {القيامة}
(15)- فَاعْبُدُوا أَنْتُمْ أَيُّهَا المُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ مَا شِئْتُمْ مِنْ أَصْنَامٍ وَأَوْثَانٍ، وَسَتَعْلَمُونَ سُوءَ مَنْقَلَبِكُمْ حِينَمَا تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إِنَّ الخُسْرَانَ الذِي لا خُسْرَانَ بَعْدَهُ، هُوَ خُسْرَانُ النَّفْسِ وَإِضَاعَتُهَا بِالضَّلالِ، وَخُسَرَانُ الأَهْلِ، وَعَدَمُ الالْتِقَاءِ بِهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، سَوَاءٌ ذَهَبَ الخَاسِرُ إِلَى النَّارِ وَأَهْلَهُ إِلَى الجَنَّةِ، أَوْ ذَهَبُوا جَمِيعاً إِلَى النَّارِ، وَذَلِكَ الخُسْرَانُ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ الظَّاهِرُ لِفَظًاعَتِهِ وَهَوْلِهِ.

.تفسير الآية رقم (16):

{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)}
{ياعباد}
يَصِفُ اللهُ تَعَالَى حَالَ هَؤُلاءِ الخَاسِرِينَ وَهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ يَكُونُونَ فِيهَا، وَمِنْ فَوْقِهِمْ طَبَقَاتٌ مُتَرَاكِمَةٌ مِنَ النَّارِ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَكَأَنَّهَا الظُّلَلُ، وَمِنْ تَحْتِهِمْ طَبَقَاتٌ مِثْلُهَا، فَتَغْمُرُهُمْ النَّارُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَاللهُ تَعَالَى يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ مَا سَيَكُونُ عَلَيْهِ حَالُ الكُفَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ لِيُخَوِّفَهُمْ مِنْ أَهْوَالِ ذَلِكَ اليومِ، فَيَزْدَجِرَ العُقَلاءُ عَنِ الكُفْرِ وَالمَعَاصِي، وَيَعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ، فَيَا عِبَادَ الله اتَّقُوا رَبَّكُمْ تَعَالَى، وَبَالِغُوا فِي الخَوْفِ والحَذَرِ، وَلا تَرْتَكِبُوا مَا يُسْخِطُ رَبَّكُمْ عَلَيْكُمْ.
ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ- أَطْبَاقٌ مِنْهَا مُتَرَاكِمَةٌ.

.تفسير الآية رقم (17):

{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)}
{الطاغوت}
(17)- والذينَ اجْتَنَبُوا عِبَادَةَ الأَصْنَامِ، واتِّبَاعَ الشَّيَاطِينِ، وَأَقْبَلُوا عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِمْ مُعْرِضِينَ عَمّا سِوَاهُ، يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ بالثَّوَابِ العَظِيمِ حِينَ المَوْتِ، وَحِينَ يَلْقَونَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الحِسَابِ.
الطَّاغُوتَ- الشَّيْطَانَ وَيُطْلَقُ عَلَى الوَاحِدِ والجَمْعِ وَسُمِّيَتْ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ عِبَادَةً لِلشَّيْطَانِ. أَوْ هُوَ الأَوْثَانُ وَالمَعْبُودَاتُ البَاطِلَةُ.
أَنَابُوا إِلَى اللهِ- رَجَعُوا إِلى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ.

.تفسير الآية رقم (18):

{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)}
{أولئك} {هَدَاهُمُ} {أُوْلُواْ} {الألباب}
(18)- وَهَؤُلاءِ الذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ، وَأَنَابُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَسَمِعُوا القَوْلَ فَاتَّبَعُوا أَحْسَنَهُ وَأَوْلاهُ بالقَبُولِ.. هَؤُلاءِ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بالنَّعِيمِ المُقِيمِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَأولَئِكَ هُمُ الذِينَ وَفَّقَهُمُ اللهَ تَعَالَى لِلرَّشَادِ وَالصَّوَابِ، وَأولَئِكَ هُمْ أَصْحَابُ العُقُولِ والأَفْهَامِ السَّلِيمَةِ.

.تفسير الآية رقم (19):

{أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)}
(19)- أَفَمَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةَ، هَلْ تَقْدِرُ أَنْتَ أَنْ تُنْقِذَهُ مِمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ الضّّّلالَةِ والهَلَكَةِ؟ إِنَّهُ لا يَمْلِكُ أَحَدٌ هِدَايَةَ الخَلْقِ إِلا اللهُ تَعَالَى، وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ لا تَمْلِكُ القُدْرَةَ عَلَى إِنْقَاذِ أحدٍ مِنَ النَّارِ، بَعْدَ أَنْ وَجَبَتْ لَهُ العُقُوبَةُ.
حَقَّ عَلَيْهِ- وَجَبَ وَثَبَتَ عَلَيهِ.

.تفسير الآية رقم (20):

{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)}
{الأنهار}
(20)- أَمَّا المُتَّقُونَ مِنْ عِبَادِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ يَجْزِيهِمْ عَلَى إِيْمَانِهِمْ وَعَمَلِهِم الصَّالِحِ بِإِدْخَالِهِم الجَنَّةَ، وَبِأَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ فِيهَا دُوْراً شَاهِقَةً (غُرَفٌ) مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مُحْكَمةُ البُنْيَانِ، وَتَجْرِي الأَنْهَارُ خِلالَ أَشْجَارِهَا، وَهَذَا وَعْدٌ مِنَ اللهِ حَقٌّ لِلمُتَّقِينَ، وَاللهُ لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ أبداً.
لَهُمْ غُرَفٌ- مَنَازِلُ رَفِيعَةٌ عَالِيةٌ فِي الجَنَّةِ.

.تفسير الآية رقم (21):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21)}
{يَنَابِيعَ} {أَلْوَانُهُ} {فَتَرَاهُ} {حُطَاماً} {الألباب}
(21)- يُشَبَّهُ اللهُ تَعَالَى حَالَ الدُّنْيَا فِي نَضْرَتِهَا وَسُرْعَةِ انْقِضَائِها بِحَالِ المَاءِ الذِي يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَيَجْرِي عُيوناً فِي الأَرْضِ فَتُسْقَى بِهَذَا الماءِ الأَرضُ فَتنبِتُ الزَّرعَ والنَّبَاتَ والخُضْرَةَ من كُلِّ لونٍ، وَتُصْبِحُ الأََرضُ خِضَرَةً نَضِرَةً، ثُمَّ لا يَلْبَثُ هذا النَّبَاتُ أَنْ يَنْضجَ وَيَجِفَّ وَيَصْفَرَّ، ثُمَّ يُصْبحَ يَابساً يَتَكسَّرُ. وفي كُلِّ ذَلِكَ عِظَةٌ وعِبْرَةٌ لِذَوي العُقُولِ السَّلِيمَةِ تَنَبِّهُهُمْ إِلى عَدَمِ الاغترارِ بالدُّنيا وزُخْرُفِهَا وَنَعِيمِهَا الزَّائِلِ.
سَلَكَهُ يَنَابِيعَ- أَدْخَلَهُ فِي عُيونٍ وَمَجَارٍ.
يَهِيجُ- يَنْضُجُ وَيَجِفُّ.
يَجْعَلُهُ حَطَاماً- يُصَيِّرُهُ هَشِيماً مُحَطَّماً مُفَتَّتاً.

.تفسير الآية رقم (22):

{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22)}
{لِلإِسْلامِ} {لِّلْقَاسِيَةِ} {أولئك} {ضَلالٍ}
(22)- هَلْ يَسْتَوِي مَنْ دَخْلَ نُورُ الإِيْمَانِ إِلى قَلْبِهِ، وَانْشَرَحَ صَدْرُهُ لَهُ، لِمَا رَأَى فِيهِ مِنَ الخَيرِ والصَّوَابِ والهِدَايَةِ، مَعَ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ النَّظَرَ فِي آيَاتِ اللهِ، وَهُوَ قَاسِي القَلْبِ بَعِيدٌ عَنِ الهُدَى والحَقِّ؟ إِنَّهُمَا لا يَسْتَوِيَانِ أَبَداً. فَالوَيلُ وَالهَلاكُ لِمَنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، فَأَصْبَحَتْ لا تَلينُ لِذِكْرِ اللهِ، فَهَؤُلاءِ القُسَاةُ القُلُوبِ هُمْ فِي غَوَايَةٍ ظَاهِرَةٍ (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ النُّورُ القَلْبَ انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ، وَعَلامَةُ ذَلِكَ: الإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الخُلُودِ، والتَّجَافِي عَنْ دَارِ الغُرُورِ، والتَّاهُّبُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ المَوْتِ».
فَوَيلٌ- فَهَلاكٌ أَوْ حَسْرَةٌ أَوْ شِدَّةُ عَذَابٍ.